Tuesday, September 22, 2009

مات آخر الآلهة




على جدران القلب و اللسان
نقشت الآلهة حروفها في اول الزمان
احجارا ولهيبا و طيف دخان
آلهة تطلب المتعة ما برحت إلى القرابين تسعى
في العشق و الدم تتلوى وتتأوه
آلهة عاتية الشبق
تمد أيديها في لهفة تستعجل الموت واللذة
في حروب الشرف و الكرامة والثأر
تنغرس في الجماجم رايات النصر
وعلى الأشلاء تتراقص أبيات الفخر

آلهة بطيئة العفو شحيحة الرضا
عجولة البطش لا تغفر ما مضى

اله العشق يرمي الغافل
بسهم يصيب حشاه
يردي العشاق في دنياه

إله الحرب
يحمل بسيف الكرب على بتاح الحياة
و شركاه
نون و أتوم و المقدسة ذات الحيوات
ايزيس ام الاله و باعثة الذبيح
للحياة نبضٌ و ايزيس ومفاتيح
و مراكب الشمس تتهادى في بحار أبدية
لترسو في أشعة رع.. في كفه الذهبية


سيْن من بابل يا معبود الصحراء
سريت في الزمان إلهاً لتحط في سيناء
و هلالاً.. اختار و انار من الحجاز مكة
حين تعشّق الصفا مروة و أشهدا عليهما هُبَل
في جوف الكعبة أو على قمة جبل
هو حب إساف ونائلة
آه يا نائلة الحب باقٍ والرغبة زائلة
من قُبْلة صارا قِبْلةَ ،تخلدا وثنا و شعيرة
يا عاشقي الجزيرة
قيل تدنستما ثم اذا انتما تقدستما
و ما تقدس الا الحبُ أمّا إنَّ الشهوةَ حائلة


عشتار يا ليالي الحب في نينوى
كم من قلب أحب و حلق و هوى
على مذبحك قربانا يحترق
عن الأحبة يفترق
افروديت الزهرة يا فينوس البنفسج
في ثناياك كم لونا من الشوق يتوهج


خلقه الرب و قال رزْقك
هذا خبزك يا بني وذاك ألمك
ودعه أبوه أن اذهب ثكلتك أمك

قالوا هلك ابن الرب على صليب الفداء
شقوة الغابرين و اللاحقين ترفعها الآهات وتغسلها الدماء
لم تحل نعمة الخلود على ابن اله
و لا تحل على ابن فلاح مشقق القدمين
على وجهه تتغضن الشمس خيوطا طرف العينين
او صاحب حانة على الطريق
او خباز أكل بصره الحريق
ليس لملح الأرض من الخلود نصيب
اذا ماتوا في حرب أو على صليب
كم من بشر صلّبوا و حرّقوا و ما نالوا الخلود
راحت سيرتهم و ما كسبوا الا ان تعفنت على أجسادهم الورود


أيتها الارباب المطلة من شرفات الزمان
علمونا ان الاله يطلب و ينال ليرضى
و الا فإنه يسخط و يسحب منا النعمة
علمونا ان الاله يطلب من المؤمنين
صلاة و عفة و مئات القرابين
يؤدونها راضين مهللين
ثم يجود الرب على الكافرين
لم يجود الرب على العاصين؟
نهرع الى المعبد لنشكو ما كان
يعايرنا الكاهن بمعاصينا
نغادر و الندم يكاد يخصينا
نود لو غسلنا بالنار مآقينا

قالوا عن الرب انه ينتظر العقيقة
و أكف الدم على الجدار
و انه يشم رائحة الشواء
ويسعد بالفداء
علمونا ان الآلهة تسوقنا بالسوط
و الطاعة الواجبة عالية الصوت
و ان الاله وضع الخلد في تفاحة
و أن آدم ورث السر و من تعسه أضاع مفتاحه
ولما مال البشر من بعده و ضلوا
طلب الرب عينا بعين و نفسا بنفس
و ما يضير الرب إن أنا فقئت يا أخي عينك
ألمك ألمي و دمك دمي وما يضير الرب لو صارت البشرية كلها عمياء؟

قاموا الى الحرب بأمر الرب
و اذا ما عاد الصغير الى أمه أشلاءً يملؤها الدود
قالوا لها الرب يعطره و يغسله بدهن العود
ألا يرضيك العود يا أم الجنود ؟
ويحك من ناقصة عقل يا أم الجحود
الا فلتزغردي الآن يا أم الشهيد

علمونا ان الالهة تنتظر الحصاد لتأخذ نصيبها
و أنها تمنع عنا الماء لو لم ترتوِ من عرقنا
وان الخمر لا تسكر مادامت في كأس الكاهن
و ان العهر مقدس ما دام داخل المعبد
أما بين أعواد القمح و على مياه الشاطئ فذا و لا ريب زنا
علمونا ان الالهة خلقت لنا لتحصي علينا أنفاسنا
أم أننا نحن خلقنا لها ؟ لنقدس لها؟

تستخفي وراء الاستار لترقب من صلى
و تعد حفرة النار لمن لم يشتر الصك
وتمرد ، في عين اليقين حثا غبار الشك

قالوا ترضى الالهة و تلعن
و لعنتها تصيب المؤمن
عليه القرابين وعليه اللعنة
و قالوا ان تقتل في حرب ضمنت الجنة
قالوا الصبر على الحرمان فرض وسنة
وموت العزيز فقرا ومرضا هو مرضاة الرب
ما رضا عن مؤمن إلا زاد ه من الكرب

كل الالهة تطلب و تغضب و ترغب
و منذ زمن بعيد
مات آخر الآلهة وهو ظمآن لما غاب الفيضان
وانقطع القربان
مات جوعا لما ضمرت الضروع و ماتت الزروع
أو رجما بأحجارِ
او ربما طارده الاهالى خارج القرية فمات من كمدٍ و إنكارِ
كل الاستار هتكت و ها نحن في قدس الاقداس
كل الالهة ليست آلهة
مسوخ ورءوس أبقار و أذناب سباع
رأي العين انت ونفسك
متى طلبت فقل لها يا وثنية
هل انت إله لتطلبي متعة
كوني نفسا لا الها شبقا
الاله لا يطلب و لا يحب الدم
و لايريد ذهبا و لا يأكل اللحم

وبعد ايتها الآلهة ايتها الكاذبة
جشعة تطلبين وبشعة لا تشكرين
لم يعلمني أحد أن الله إن تنظر إليه تجده ينظر إليك
يمد الظل تحت قدميك
لا يطلب و لا يسخط و لا يلعن
هو الرضا و الهمس المطَمْئِن
هو الإيجاب
بدون سؤال و لا رجاء
و لا قرابين تساق و لا دماء تراق
هو الأنوار و الأشواق
العاشق الأول والاخير
هو ساكن الأثير
ينتظر منك القبول
و ان جفوت لا يلعن
وان أعرضت هو مقبل
هو القبول و الحضور و المثول

لم يعلمني أحد أن الله لا يطلب و لا يرغب
هو دوما في استغناء
يحبنى و لو لم احبه
و يعطيني دون أن اطلب
والسؤال من مقام السائل
و العطاء من مقام العاطي
ينتظرني و لا يتجهم
نفسي منه و هو في النفس يسكن
هو الزارع و الصانع و الصابر الأول
هو من احببت فيه
وللحب دوما ربٌ يحميه